فضاء حر

لا تعولوا على مفاوضات يغيب عنها ” الإخوان”

يمنات
يقود المبعوث الأممي جمال بن عمر جولة مفاوضات الحل السياسي لأزمة التظاهرات التي يقودها الحوثيون بعد فشل مفاوضات الحل الداخلي، لكنها ومن بدايتها بدت تمضي في الطريق الخطأ ولا تبشر بحل يلامس جذور المشكلة.
المفاوضات الاخيرة التي جمعت الدكتور الأرياني واللواء هلال من جانب الرئاسة والمشاط والعزي من جانب أنصار الله كان نطاقها اوسع من الذي حدده المبعوث الاممي لجولة المفاوضات الجديدة واكثر من ذلك انها توصلت إلى نتائج توافقية حقيقية كانت ينتظر فقط الإعلان عنها الجمعة الماضي قبل ان يتم استدعاء الخلافات.
يوم السبت الماضي كان انقلابيا بحق، بعدما قررت الرئاسية تغيير ممثليها في لجنة التفاوض الدكتور الإرياني واللواء هلال بمفاوضين جديدين هما مدير مكتب الرئيس الدكتور بن مبارك واللواء الرويشان رئيس جهاز المخابرات، وهي الخطوة التي تزامنت مع بيان شديد اللهجة لسفراء الدول العشر لم يخرج عن مربع التعقيدات التي اضافها البيان الرئاسي لمجلس الأمن.
القرار والبيان اربكا سير المفاوضات بل يمكن القول أنهما عرقلا مسار الحل السياسي للأزمة، وبيان النفي الذي سربته الرئاسة عبر “اليمن الاتحادي” كان سمجا إلى حد كبير، خصوصا وهو جاء بعدما كان جمال بن عمر أعلن عن تفاهمات مع ممثلي الرئاسة السابقين وممثليها اللاحقين حول ما سماه “القضايا العالقة” وتحدث عن صيغة لم تكن واضحة في جانب التمثيل القديم والجديد لممثلي الرئاسة ومصير ما تم التوصل اليه من تفاهمات.
المبعوث الاممي زاد على ذلك وحسم الأمر بتحديد سقف للمفاوضات قال انها تستهدف:
1) الوصول إلى توافق لحل سلمي للأزمة بين صنعاء والحوثيين.
2) البحث في مطالب المتظاهرين ( المطالب الثلاثة )
3) الوصول إلى اتفاق يحظى بتوافق وطني وقابل للتنفيذ في اقرب وقت.
بالنتيجة لن تقدم جولة المفاوضات الجارية برعاية جمال بن عمر جديدا، فمحور الأزمة بين صنعاء والحوثيين يتعلق بمظاهر القلق الأمني ومحور المطالب الثلاثة للمتظاهرين لا يعكس بالضرورة جذور اخرى اكثر أهمية للأزمة اليمنية إذا ما اعتبرنا أن المطلب الثالث سيفضي إلى التزامات.
والسقف الذي حدد قضايا جولة المفاوضات الجديدة لا يبدو أنه سيكون مفتوحا على قضايا رئيسية كانت ولا تزال تخضع للترحيل، وتنذر باشتعال ازمات وازمات في المستقبل.
العنصر الأهم أن هذا السقف لم يفسح المجال لجلوس الطرفين الحقيقين للأزمة (الحوثيون والاخوان) بل أخذ على عاتقة تقديم المسكنات لتأمين طريق المضي باستحقاقات خطة التسوية السياسية المطلوب انجازها فقط لتقديم نموذج اممي ناجح لعملية الانتقال السياسي يخفف وطأة الانتكاسات التي حصلت في ما سمي ثورات الربيع العربي.
الإخوان المسلمون (حزب الإصلاح) هم الحكومة وهم الذين يخوضون حربا شعواء مع الحوثيين في مناطق عدة، وهم من يمثلون جماعة الضغط التي تجهض التسويات وهم شبكة المصالح التي ورطت هذه الحكومة الفاشلة في قضايا كثيرة وهم من يتصدرون حملات التحريض والفرز الطائفي والمذهبي في طول البلاد وعرضها وهم من يسيطرون على القرار السياسي والاداء الاعلامي وهم من يمتلكون جيشا سريا داخل الجيش النظامي.
هم كل ذلك واكثر وغيابهم عن طاولة المفاوضات لن يخلص إلى حلول تضع اليمن في الطريق الآمن.
يبقى التعاطي مع العناوين الظاهرة للأزمة علاجا بالمسكنات لا فائدة ترجى منه.
اخفاء العناوين الحقيقية للأزمة على هيئة جمر تحت الرماد سيجعلها تختمر اكثر وستظهر الأزمة غدا بأشكال وعناوين مختلفة لتبقى البلاد في الدوامة ذاتها.
من حائط الكاتب على الفيس بوك

زر الذهاب إلى الأعلى